الزاوية التوعوية 59
وعمليات التحول الرقمي فحسب ، بل لتجنب دفع ضريبة عدم مواكبة تلك التطورات ، والي غالبقاً ما تكون باهظة.
التوعية بالتقنيات المستحدثة تعد شرطاً لازما ً لا للإفادة من مزاياها فقط ، بل لتجنب ممارسات الاحتيال المالي باستخدامها.
الفعالية الأخيرة لهذا العام ، والي نظمت خلال الفترة( 6-
12 أكتوبر الماضي) لم تشذ عن هذه القاعدة مع اختيار قضايا مثل « التكنولوجيا والتمويل الرقمي «، و » الذكاء الاصطناعي » من ناحية ، و « الوقاية من النصب والاحتيال » و » أساسيات الاستثمار » من ثانية ، كموضوعات رئيسة لها ، اختيارً كهذا ِ ناحيقةٍ لم يكن محض صدفة أو من غير رام بكل تأكيد ، الأمر الذي رميقةٍ يطرح تساؤلات فيما لو كان « التطور التقني والتحول الرقمي »
ً
و » ممارسات الاحتيال المالي » وجهان لعملة واحدة ، وأن تنافسقا محمومقاً يدور بينهما ، ابتكار تقني هنا ، يقابله ابتكار جديد في ممارسات الاحتيال المالي باستغلال ثغرة تقنية حينقاً أو فجوات
ٍ معرفية أحيانقاً.
الاجتماعية والصحية والمعرفية والاقتصادية أيضقا ً. وكان لافتقاً
أن جائحة كارثية مثل كوفيد 19 مثلت قوة دافعة للثورة الرقمية الي أصبحت بالفعل السلاح الأمضى لمواجهة تداعيات الجائحة الي فرضت واقعقاً استثنائيا ً مع الإغلاق الكلي أو الجزئي ، والحجر الصحي ، والتباعد الاجتماعي. إذ أن الطفرة غير المسبوقة في عالم التحول الرقمي ساعدت بالفعل على تجاوز هذا الواقع ، والمحافظة على سير الحياة العلمية والعملية لاسيما في الجوانب التعليمية والتدريبية. ويمكن القول بأن « التعليم الافتراضي » و « التعلم عن بعد » و « التدريب الإلكتروني » أنقذت
مظلم- نتيجة التداعيات
البرية حقيقة من الدخول في نفققٍ آنفة الذكر- لا يمكننا تخيل نتائجه.
بالمحصلة ، الجائحة والتطور الرقمي المذهل ساعدا في إنجاز المهام التعليمية والتدريبية ، بل والمؤسساتية أيضقاً ، مع تقديم المساعدة في تطوير الطرق التقليدية لعقد الاجتماعات وإبرام
ً
الصفقات ، وكذلك الحال بالنسبة للخدمات الشخصية بدءا بالحصول على الخدمات وإنجاز المعاملات وكأنما « جائحة لم تمر من هنا «. بل على النقيض من ذلك ، لن يكون مفاجئقاً القول بأن الجائحة شكلت حداً فاصلاً في مسار التواصل الإلكتروني وتزايد الاعتماد على عمليات التحول الرقمي ، ما بعدها يختلف كلية ً عما قبلها.
سلاح ذو حدين
نحن حقيققةً- بإرادتنا أو بغيرها- نحيا عر ثورة رقمية غير مسبوقة حولت عالمنا من أقصاه إلى أقصاه قرية صغيرة واجتاحت نواحي حياتنا المختلفة بكافة تفاصيلها. الثورة التقنية هذه ، والي تعتبر بمثابة الثورة الصناعية الرابعة
ً
من الأحوال ، بدءا تكتنفها مثالب لا يمكن تجاهلها في حالٍ بالعبودية التقنية ، مروراً بانتهاكها للخصوصية ، وتقلص الأمن ،
وتفاقم اللامساواة ، وتداعياتها السلبية على علاقاتنا الاجتماعية حينما نستبدل لقاءً مفترضقاً مع الأهل والأصدقاء لمناسبة وغيرها برسالة قصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وانتهاءً بممارسات الاحتيال المالي الي تجاوزت أطرها التقليدية ليصبح المشهد العالممي محاصراً بجرائم اقتصادية ومالية مزايدة وبالغة التعقيد في ذات الوقت ، مع توقعات بتراوح حجم التدفقات المالية غير المروعة بين( 5-4,5 تريليون دولار) بحلول عام. 2030 بالمقابل ، لا يمكن أيضقاً تجاهل ما للثورة التقنية من انعكاسات إيجابية على واقع الإنسان المعاصر ، والي لا تقف عند تسهيل تواصل الأفراد والمجتمعات ، والانفتاح الثقافي المتبادل بين المجتمعات البرية. حقيقة الأمر أن الثورة الرقمية هي ثورة شاملة قولاً وفعلاً ، شملت مختلف جوانب الحياة البرية:
التقنيات المالية على وشك تغيير المشهد الاقتصادي العالمي بالتَزامن مع انتشار جرائم اقتصادية ومالية بالغة التعقيد ، فهل هما وجهان لعملة واحدة ؟
رقمنة حياتية .... كاملة متكاملة!
في عالم اليوم ، تتداخل السياسة بالاقتصاد ، كما لا يمكن تحييد
عام ، أثرهما على الواقع الاجتماعي والصحي ، والإنساني بشكلٍ قد يعلي البعض شأن أحدهما على الآخر ، كما قد يختلف
البعض الآخر في ترتيب الأولويات. فالاقتصاد هو قاطرة السياسة بنظر البعض ، والعكس هو الصحيح برأي البعض الآخر ، إلا أن حقيقة الأمر أن دروس التاريخ عمومقاً ، والأزمات الاقتصادية والمالية الي مقرَ بها العالم بين فينقةٍ وأخرى أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن ثمة ترابطقاً وثيققا ً بين الجوانب آنفة الذكر كافة ، وانعكاساته بدرجات متفاوتة على الإنسان. ولن نبالغ كثيراً إن اعتبرنا أن التحول الرقمي يمثل واحدا ً من الركائز