مجلة هيئة اسواق المال - العدد السادس عشر يونيو 2024 | Page 12

عن عمله " موظفاً‏ " يقول المرحوم البابط‎� ، اكتشفت عدم جدوى الوظيفة في ظل وجود فرص مجدية للنجاح والإبداع بعيداً‏ عنها ، وما يحتاجه الأمر عزيمة ومثابرة لا أكثر ، أما عن نجاحاته في عوالم التجارة فيعيدها إلى الصدق مع الذات ، والصبر ، والنزاهة ، والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية التي توارثناها عن أسلافنا .
مؤسسة البابط‎� .... ودار الحكمة
" نجاحاته في الميدان الاقتصادي كرجل مال وأعمال والتي تخطت الكويت لتصل الشرق الأوسط وأوروبا والص‎� ، ربما ساعدته إلى حدٍ‏ بعيد في تطبيق بعض نظرياته المعرفية وترجمة لرؤيته في استحالة الوصول لنهضةٍ‏ شاملةٍ‏ في البلاد بمعزلٍ‏ عن العلم والتنمية المعرفية ورأس المال الثقافي . ومن هذا المنطلق كان اعتقاده الراسخ بأن وجود رجال المال والأعمال في الميدان الثقافي ذو أهميةٍ‏ خاصة لإعلاء شأن الثقافة والمعرفة في بناء العقول
‏-رحمه الله-‏ يضرب المثل
وإرساء أسس المجتمعات . ودائماً‏ ما كان بالخليفة المأمون الذي أسس لاهتمام الحكام والأمراء ورجال الأعمال بعوالم الأدب والثقافة ح‎� إنشائه دار الحكمة .
في أواخر ثمانينات القرن الماضي ، كانت انطلاقة مؤسسة البابط‎� نواةً‏ لمشروع أدبي واسع الطيف ، يعنى بقضايا الشعر والثقافة وحوار الحضارات ، ولتفتتح 17 فرعاً‏ في دولٍ‏ متعددة ، أعقب ذلك إطلاق مركز البابط‎� لحوار الحضارات ، ومركز البابط‎� للترجمة ، ومركز البابط‎� لتحقيق المخطوطات الشعرية ، ومركز الكويت للدراسات العربية والإسلامية .
المؤسسة التي أنجزت " معجم البابط‎� للشعراء العرب " ، وأشرفت على إصدار قصيدة " ملحمة العرب " التي شارك في نظمها
113 شاعراً‏ عربياً‏ ، بدأت بجهةٍ‏ مانحة لجوائز الشعر لتنتهي بحوار الحضارات ، وكانت واحدةً‏ من أحلام البابط‎� التي لم تتحقق فحسب ، بل إنها نجحت حقيقة فيما لم تنجح به وزارات الثقافة في العالم العربي في لم شمل الشعراء العرب وإعادة الشعر العربي لألقه ، خاصةً‏ وأن البابط‎� كان يعتبر أن العمل بروح الهواية هو كلمة السر في نجاح العمل في الميدان الثقافي بعيداً‏ عن جو العمل الرسمي ، فالإبداع الأدبي لا يمكن أن يكون وليد ممارساتٍ‏ بيروقراطية وقوالب جامدة .
الشعر .... والتعايش السلمي
" تعايش الحضارات " كان هاجس المرحوم البابط‎� ، ومن هذا المنطلق كان تنظيمه ندوات عدة كان " حوار الحضارات " موضوعها الرئيس ، بدأها في الأندلس التي كان يعتبرها مهد تعايش الحضارات والأديان السماوية في فترة الحكم الإسلامي . كما أتى في السياق ذاته إنشاء المعهد العربي الأوروبي لحوار الحضارات في إيطاليا .
وكان لافتاً‏ أن يعتبر المرحوم البابط‎� الشعر أداةً‏ للسلام فكان تنظيمه ملتقى " الشعر من أجل التعايش السلمي " في ع ا م 2011 نظراً‏ لكون الشعر-‏ وفق منظوره-‏ نتاج فكرٍ‏ إنساني وأداة تواصل حضاري مشترك ب‎� الشعوب ، كما كان يعتبر ملازماً‏ للحوار والاثنان – الشعر والحوار-‏ هما أداوتنا للخلاص من صراعاتنا الدائمة ، إذ لا حاجة لأدب يدعو للسلم وقت السلم .
Page | 12