عن عمله " موظفاً " يقول المرحوم البابط� ، اكتشفت عدم جدوى الوظيفة في ظل وجود فرص مجدية للنجاح والإبداع بعيداً عنها ، وما يحتاجه الأمر عزيمة ومثابرة لا أكثر ، أما عن نجاحاته في عوالم التجارة فيعيدها إلى الصدق مع الذات ، والصبر ، والنزاهة ، والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية التي توارثناها عن أسلافنا .
مؤسسة البابط� .... ودار الحكمة
" نجاحاته في الميدان الاقتصادي كرجل مال وأعمال والتي تخطت الكويت لتصل الشرق الأوسط وأوروبا والص� ، ربما ساعدته إلى حدٍ بعيد في تطبيق بعض نظرياته المعرفية وترجمة لرؤيته في استحالة الوصول لنهضةٍ شاملةٍ في البلاد بمعزلٍ عن العلم والتنمية المعرفية ورأس المال الثقافي . ومن هذا المنطلق كان اعتقاده الراسخ بأن وجود رجال المال والأعمال في الميدان الثقافي ذو أهميةٍ خاصة لإعلاء شأن الثقافة والمعرفة في بناء العقول
-رحمه الله- يضرب المثل
وإرساء أسس المجتمعات . ودائماً ما كان بالخليفة المأمون الذي أسس لاهتمام الحكام والأمراء ورجال الأعمال بعوالم الأدب والثقافة ح� إنشائه دار الحكمة .
في أواخر ثمانينات القرن الماضي ، كانت انطلاقة مؤسسة البابط� نواةً لمشروع أدبي واسع الطيف ، يعنى بقضايا الشعر والثقافة وحوار الحضارات ، ولتفتتح 17 فرعاً في دولٍ متعددة ، أعقب ذلك إطلاق مركز البابط� لحوار الحضارات ، ومركز البابط� للترجمة ، ومركز البابط� لتحقيق المخطوطات الشعرية ، ومركز الكويت للدراسات العربية والإسلامية .
المؤسسة التي أنجزت " معجم البابط� للشعراء العرب " ، وأشرفت على إصدار قصيدة " ملحمة العرب " التي شارك في نظمها
113 شاعراً عربياً ، بدأت بجهةٍ مانحة لجوائز الشعر لتنتهي بحوار الحضارات ، وكانت واحدةً من أحلام البابط� التي لم تتحقق فحسب ، بل إنها نجحت حقيقة فيما لم تنجح به وزارات الثقافة في العالم العربي في لم شمل الشعراء العرب وإعادة الشعر العربي لألقه ، خاصةً وأن البابط� كان يعتبر أن العمل بروح الهواية هو كلمة السر في نجاح العمل في الميدان الثقافي بعيداً عن جو العمل الرسمي ، فالإبداع الأدبي لا يمكن أن يكون وليد ممارساتٍ بيروقراطية وقوالب جامدة .
الشعر .... والتعايش السلمي
" تعايش الحضارات " كان هاجس المرحوم البابط� ، ومن هذا المنطلق كان تنظيمه ندوات عدة كان " حوار الحضارات " موضوعها الرئيس ، بدأها في الأندلس التي كان يعتبرها مهد تعايش الحضارات والأديان السماوية في فترة الحكم الإسلامي . كما أتى في السياق ذاته إنشاء المعهد العربي الأوروبي لحوار الحضارات في إيطاليا .
وكان لافتاً أن يعتبر المرحوم البابط� الشعر أداةً للسلام فكان تنظيمه ملتقى " الشعر من أجل التعايش السلمي " في ع ا م 2011 نظراً لكون الشعر- وفق منظوره- نتاج فكرٍ إنساني وأداة تواصل حضاري مشترك ب� الشعوب ، كما كان يعتبر ملازماً للحوار والاثنان – الشعر والحوار- هما أداوتنا للخلاص من صراعاتنا الدائمة ، إذ لا حاجة لأدب يدعو للسلم وقت السلم .
Page | 12