في زیادة مستویات الإنتاجیة والتنافسیة وانخفاض أسعار المواد الخام والسلع الأساسیة نظراً لإیجاد بدائل عنھا أكثر استدامة وأكثر ملاءمة للاعتبارات البیئیة وأقل تكلفة ، إلا أنھا بالمقابل ستؤدي لانخفاض مستویات الطلب على القوى العاملة غیر الماھرة ، وھي تحدیات یجب إعداد العدة لمواجھتھا الیوم قبل الغد ، وھذا ما تحاول الكویت فعلھ في إطار رؤیتھا التنمویة التي تستھدف توجھاً موحداً نحو مستقبل مزدھر قوامھ اقتصاد متنوع مستدام ورأس مال بشري إبداعي .
وبالعودة إلى إستراتیجیة الھیئة ، أود القول بأن تلك الإستراتیجیة وإن تضمنت مساھمات ٍ مباشرة للھیئة في تحقیق مرتكزات الرؤیة التنمویة الحكومیة عبر مشروعیھا لتطویر منظومة سوق المال وتأسیس كیان معرفي متخصص في قطاع أسواق المال ، فإنھا تستھدف مساھمات غیر مباشرة ربما كانت أوسع نطاقاً على صعید ركائز أخرى ، كتلك المتعلقة بالتخصیص العام وتعزیز دور القطاع الخاص الدینامیكي ، خاصة مع إنجازھا خصخصة سوق المال وإسناد دفة قیادتھ للقطاع الخاص ، وكذلك على صعید تحویل الكویت إلى بیئةٍ جاذبة للاستثمار من خلال ارتقائھا بواقع أنشطة الأوراق المالیة إلى مستویات متوافقة مع المعاییر الدولیة المطبقة ، ولا تخفى انعكاسات تطوراتٍ كھذه على استقطاب الاستثمارات العالمیة ، وھذا ما تؤكده تدفقات ھذه الاستثمارات إلى سوق المال المحلي في أعقاب ترقیاتھ السابقة ووضعھ على خارطة الاستثمار العالمي . وكذلك الحال بالنسبة للركائز المتعلقة بتعزیز قدرات المواطنین والمؤسسات ، والمشاركة الفعالة في المجتمع العالمي ، وھذا ما یؤكده الدور الفاعل للھیئة في المنظمات والفعالیات الدولیة ذات الصلة بما یعزز مكانة دولة الكویت إقلیمیاً ودولیاً ویدعم دبلوماسیتھا الاقتصادیة .
في الإطار ذاتھ ، من المتوقع للھیئة - خلال السنوات المتبقیة من إستراتیجیتھا الحالیة - تعزیز مساھماتھا على صعید تحقیق الرؤیة التنمویة آنفة الذكر على صعید مختلف ركائزھا عموماً ، وما اتصل منھا بالتحول نحو اقتصاد المعرفة بصورةٍ رئیسیة ، خاصة مع ما شھده العام الأخیر في ھذا الإطار- والذي أعتبره حقیقة عام التحول نحو اقتصاد المعرفة - بدءاً بوضع الإطار التنظیمي للتقنیات المالیة وإطلاق الحزمة الأولى من الخدمات في إطارھا ، والمتمثلة بخدمتي منصة التمویل الجماعي القائم على الأوراق المالیة ، ومستشار الاستثمار الآلي ، مروراً بقطع أشواطٍ مھمة في مسار إستراتیجیتھا للتحول الرقمي ، وانتھاءً باستكمال تأسیس أكادیمیة أسواق المال ومباشرتھا مھامھا خلال شھر أكتوبر الماضي مع تنفیذھا أول برامجھا التأھیلیة الھادفة للارتقاء بكفاءة منتسبي منظومة أسواق المال .
بالمحصلة ، لمواجھة التحدیات الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة المعقدة التي یواجھھا عالمنا الیوم ، لابد من تحقیق تنمیةٍ مستدامة ركنھا الرئیسي یتمثل باقتصاد المعرفة ، وھذا ما یفسر التحول العالمي المتسارع نحو ھذا الاقتصاد والذي قوامھ المعلومة والتقنیة .
أما على صعید الھیئة ، ومع الأخذ بعین الاعتبار ما تولیھ من اھتمامٍ بالمعلومة نظراً لدورھا المھم في أسواق المال ، والاستخدام المتعاظم للتقنیات المتاحة ، وتوجھھا لإتاحة ھامش واسع من الخدمات والمنتجات المالیة المبتكرة من خلال التقنیات المالیة ، ورقمنة كافة خدماتھا ، وتأھیل والارتقاء بكفاءة منتسبي منظومة أسواق المال من خلال أكادیمیتھا ، ومبادراتھا في إطار مشروعھا لتعزیز الوعي
Page | 135