مجلة هيئة اسواق المال - العدد الثاني والعشرون ديسمبر 2025 | Page 13

عبق الر يادة ‎13‎
عطاء ‏....‏ مستدام!
« عبد الله عبد اللطيف العثمان » اسقمٌ‏ غني عن التعريف ، أحد رجالات الكويت الأفذاذ ، أديب وشاعر ، اقتصادي مرموق ، ذاع صيته بأعمال الخير والإحسان والكرم والجود الي قل نظيرها ، جسَ‏ قدَ‏ الآية الكريمة « والذين في أموالهم حققٌ‏ معلوم للسائل والمحروم » خير تجسيد ، حينما شارك أصحاب الحاجة في ماله ، ومال أولاده من بعده ، اسمه اقترن على الدوام بذكر حسن وثناءٍ‏ عطر خلداه في ذاكرة الكويت ، أمس واليوم وإلى ما شاء الله ، تمامقاً‏ كمشاريعه الخيرية الي لم ينقطع عطاؤها رغم رحيله منذ أكثر من ستين عامقاً‏. الأخلاق الفاضلة ، التسامح ، الكرم والأصالة ، استشعار مراقبة الله
وفعل ، التفاني في الأعمال الصالحة ،
وطلب رضوانه في كل قولٍ‏ نرة العلم والأدب والشعر ، استعداد دائم للبذل والعطاء
ومساعدة الآخرين كانت خصالاً‏ رئيسة للراحل المحسن الكبير ، إضافة لاستراف المستقبل في لفتقةٍ‏ غير مسبوقة تستهدف استدامة الإحسان ودوام العطاء لما بعد الرحيل ولأجل لا يعلمه إلا الممولى عز وجل. السطور القليلة القادمة تمثل « غيضقاً‏ » من فيض تجربته
ً
الحياتية الحافلة والخالدة في آن ، وهي تلخص بكل تأكيد جزءا من تجربة أسرة آل العثمان الكريمة ، ومعها جزءاً‏ من حقبة ثرية من تاريخ وطننا الكويت.
من الإحساء ‏....‏ إلى الكويت
الراحل « عبد الله عبد اللطيف العثمان » سليلة أسرة آل العثمان العريقة الي تعود أصولها لقبيلة سبيع بن عامر « العماير » من بني خالد في منطقة الإحساء في الجزيرة العربية. أما عميد العائلة في الإحساء فهو « محمد بن عثمان » في القرن السابع عر المميلادي ، والذي كان ابنه أحمد أحد شيوخ المذهب المالكي. أما جد الراحل « عبد الله العثمان » فهو مؤسس عائلة العثمان في الكويت « عثمان بن أحمد بن عثمان ‏«،‏ والذي تنقل بين البحرين والكويت في أوائل القرن التاسع عر ومارس التجارة قبل أن يستقر في الكويت في عام ‎1840‎ ليؤسس عائلته وينجب أربعة أولاد( عبد الله ، يوسف ، فاطمة ، لولوة ‏(.‏ أما « المحسن الكبير » المرحوم « عبد الله العثمان » فقد ولد في الكويت في العقد الأخير من القرن التاسع عر ، وتحديداً‏ في عام
‎1897‎ في حي « القبلة » بسكة « ابن دعيج ‏«،‏ بدأ تعليمه لدى كتاب تلك الحقبة. قبل أن ينتقل للمدرسة المباركية ويحقق مع أخيه الملا عثمان تميزاً‏ واضحقا ً ، لاسيما في علوم الحساب والفقه ليتم ترشيحهما
للعمل كمدرسين في المدرسة ذاتها قبل أن يتجاوزا العرين من عمرهما. في أواسط ثلاثينات القرن الماضي ، اتجه مع إخوته لتأسيس مدرسة لتعليم مختلف العلوم مع التركيز على اللغة العربية وعلوم الفقه والحساب ، فكانت مدرسة « العثمان ‏«،‏ وبعد
مضي سنواتٍ‏ عدة ، ترك « العثمان » التدريس ليتجه نحو العمل الحكومي في بلدية الكويت قبل أن يعين مديرا ً لها ، إضافقةً‏
لإمامته مسجد قر نايف. همته العالية ونشاطه المتقد دفعاه لترك الوظيفة في عام ‎1948‎ وافتتاح مكتب عقاري في منطقة « المرقاب » ليمارس البيع والراء العقاري إضافقةً‏ لتجارة اللؤلؤ بروح تجارية سمحة ،
ٍ كما اشترى في تلك الفترة كثيراً‏ من الأراضي خارج السور بأسعار
زهيدة قبل أن ترتفع قيمها بدرجاتٍ‏ عالية بعد اكتشاف النفط ، ويحقق ثروة كبيرة زادته تواضعقاً‏.
علم ومال ‏...‏ تفرد ومواهب متعددة
يمكن القول بأن مسيرة الراحل » العثمان » كانت تجسيدا ً حيقاً‏
لقول أمير الشعراء « أحمد شوقي ‏«:‏ بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبن ملك على جهل وإقلال فالعلم والمال كانا ركيزتاه الرئيسيتان لبناء مجده ، فقد كانت مجالسه في ديوانيته ندوات أدبية ، وأحاديث دينية وعلمية ، أخصبت في نفوس الناس محبة وتقديراً‏ ، ً إضافة لممارسته مهمة التدريس في مدرسته الأهلية ، كما كان إمامقاً‏ وواعظقا ً في مسجد العثمان ، امتدت مواهبه لتشمل صيد اللؤلؤ على سفينة
ٍ يمتلكها ، وتشمل أيضقا ً معالجته للمرضى بالطب البديل مجانقاً‏
من خلال صيدليته ، أما موهبته الشعرية المتفردة فنتلمس بعضها في ديوانه « ديوان العثمان » الذي أصدره باللغة العربية الفصحى ، وقد بدأه بأبيات-‏ أعقبت صورة فوتوغرافية له-‏ تنم عن حكمة وحنكة كانتا خلاصة تجربته الحياتية الحافلة:
صورتي هذي دليل ناطق عن رحيلي وإن طال العمر سوف أفنى ثم تبقى صورتي شبه ذكرى أو بطيّات القدر
ٍ شاملٍ‏
فعسى ربي بلطف يقبل التوب إذا آن السفر