الحاجة أدركتها الهيئة مبكراً حيث استبقت الجائحة -وتحديداً في عام 2019- بالإعداد لمشروعها الإستراتيجي لوضع إطارٍ تنظيمي للتقنيات المالية تمثل مخرجه الرئيسي بإصدار التعليمات الخاصة بالتقنيات المالية عبر كتاب ٍ مستقل صدر بالفعل في يناير من عام 2023 قبل أن تعلن الهيئة في ديسمبر من العام ذاته عن دخوله حيز التطبيق الأولي اعتباراً من مطلع شهر يناير المنصرم مع إطلاق الحزمة الأولى من الخدمات التي تنظمها أحكام الكتاب آنف الذكر ، والتي تشمل خدمتي التمويل الجماعي القائم على الأوراق المالية ، ومستشار الاستثمار الآلي ، لتعقبها خدماتٍ أخرى في مراحل لاحقة . الأمر الذي استدعى من الهيئة إطلاق حملة توعوية واسعة النطاق خلال الفترة الراهنة بهدف التعريف بتلك التقنيات عموماً ، والأحكام المنظمة للخدمات آنفة الذكر في إطار الكتاب التاسع عشر من كتب اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة ، وما تخصيص جل موضوعات العدد الماثل من مجلة الهيئة لموضوع التقنيات المالية إلا بعضاً من فعاليات تلك الحملة .
وبعيداً عن مستهدفات الهيئة جراء إطلاقها تلك الخدمات والتي لا تقف في حدود تنويع المنتجات الاستثمارية ، وإيجاد قنواتٍ تمويلية جديدة ، وحماية المتعامل� بتلك المنتجات . بل تتخطى ذلك لتحقيق أهدافٍ تنموية بعيدة المدى تندرج في إطار دعم رؤية الكويت التنموية الرامية لتحويل الكويت إلى مركزٍ مالي وتجاري إقليمي . فإنني أود الإشارة لنهج الهيئة " المرن " في إطلاق تلك الخدمات سواءً من خلال المرونة التشريعية المتمثلة باعتماد مبدأ الالتزام والتفسير لتطبيق بعض نصوص كتاب التقنيات المالية ، أو من خلال التطبيق التدريجي لأحكامه ، وإتاحة فترة انتقالية لذلك ، بهدف استكمال البيئة التنظيمية ، وتيسير التزام المعني� بتقديم تلك الخدمات واستكمال استعداداتهم بهذا الشأن .
بالمحصلة ، أعتقد أن الهيئة قد وضعت بالفعل نقطة البداية لحقبة التقنيات المالية المتصلة بأنشطة الأوراق المالية ، وثمة تغييراتٍ جذرية منتظرة في واقع تلك الأنشطة أصبحت قاب قوس� أو أدنى .
خالد يوسف ا ل ص ق ر رئيس التحرير - مدير مكتب التوعية
165