لإقرارها عبر السلطة التشريعية قبل إحالتها للتنفيذية ، الأمر الذي يفاقم الخسائر الاقتصادية بما ينعكس على الاستقرار الاجتماعي ، هذا من ناحية .
من ناحيةٍ أخرى ، لابد من أخذ الآثار الجانبية لبعض السياسات المالية ، كما هو الحال مع زيادة معدلات الضرائب مثلاً والتي قد تلجأ إليها الحكومات لتجاوز أوضاعٍ معينة ، تراجع إيراداتها أو ارتفاع معدلات التضخم على سبيل المثال . إذ أن مثل هذه الأدوات لا تحظى - عادةً- بقبول شعبي ، الأمر الذي ينعكس بطريقةٍ أو أخرى على معدلات الدخول ، وبالتالي معدلات الاستهلاك والإنتاج لتنعكس سلباً في نهاية المطاف على الاستقرار الاجتماعي المطلوب .
بالنتيجة ، هذه الاعتبارات وسواها منحت السياسة النقدية للدول " زخماً " إضافياً لعلاج الكثير من المشكلات الاقتصادية وتجاوز تداعياتها ، وهذا ما اتضح جلياً مؤخراً بدءاً بالأزمة المالية في عام ، 2008 وانتهاءً بجائحة ك و ف ي د 19 الأخيرة حيث برزت السياسة النقدية كأداة علاج للأزمات لدى الكثير من دول العالم . إلا أن ذلك لا يعني بطبيعة الحال أن السياسة النقدية قادرة على حل أزمات الاقتصاد العالمي ، لاسيما في حالات الركود الطويل ، إضافةً إلى أن المبالغة في تطبيق أدواتها يحيلها خطراً يهدد الاقتصادات الوطنية ، وهذا ما أكده وزير الخزانة الأمريكي الأسبق " سامرز " حينما اعتبر أن قدرة معدلات الفائدة المنخفضة -ربما - تسير أحياناً في الاتجاه المعاكس .
بالمحصلة ، قد تكون السياسة النقدية هي الأسرع تطبيقاً دائماً ، والأنجع " أحياناً لا " دائماً . وهي ما سنركز عليه حديثنا . السياسة النقدية : محدداتها ، مرتكزاتها ، أدواتها
يمكن تعريف " السياسة النقدية " باعتبارها مجموعة ) التدابير والإجراءات ( التي تعتمدها السلطة النقدية في الدولة للتحكم بمستويات السيولة ، وعرض النقود ، والائتمان ومعدلات الفائدة .
الهيكل الاقتصادي للدولة ومدى تنوعه ، ونظام الصرف المتبع من قبلها ، وكذلك درجة الانفتاح على اقتصادات المجتمع الدولي والاندماج معها ، ومدى تطور القطاع المالي . هي بعض العوامل المؤثرة في السياسة النقدية لدولةٍ ما . أما استهداف سعر الصرف أو استهداف التضخم فيمثلان بعض مرتكزات السياسة النقدية الهادفة للمحافظة على الاستقرار النسبي للعملة مقابل العملات الأخرى ، وكذلك حماية الاقتصاد المحلي من آثار التضخم .
أهداف السياسة النقدية
تتمثل بعض أهداف السياسة النقدية عموماً بالوصول إلى الاستقرار النقدي ومن ثم المحافظة عليه ، وتوازن م ي ز ا ن المدفوعات ، وتحقيق النمو الاقتصادي ونمو الدخل القومي ، إضافةً إلى احتواء آثار التضخم ، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي .
Page | 49