مجلة هيئة اسواق المال - العدد العدد الحادي والعشرون سبتمبر 2025 | Page 14

‎14‎ الزاوية القانونية البعد

القانوني لرقمنة القرار الإداري

واللوائح ‏«،‏ ويشترط لصحته توافر أركان أساسية: الاختصاص ، الشكل ، السبب ، المحل ، والغاية ، وقد يستوجب القانون أن يكون هذا القرار مكتوباً‏ ومسببًا وموقعا ً من الجهة المختصة بإصداره ، مع تبليغه للمعنين به.
عبد الرحمن خالد الخترش مدير مكتب التنسيق والمتابعة قطاع الشؤون القانونية
مقدمة
يمثل التحول الرقمي في الإدارة العامة أحد أبرز ملامح التطور الإداري الحديث ، وهو ما انعكس على مختلف أوجه العمل المؤسسي ، بما في ذلك عملية اتخاذ القرار الإداري ، ومع تزايد استخدام الأنظمة الإلكترونية ونظم الذكاء الاصطناعي في إصدار القرارات ، ظهرت إشكاليات قانونية متعددة تتعلق بمروعية هذه القرارات ، وحجيتها القانونية ، وآليات الطعن عليها ، ومسؤولية الجهة الإدارية عن نتائجها. في ظل هذه المستجدات ، أصبح لزامً‏ ا على فقه القانون الإداري أن يعيد النظر في بعض مفاهيمه التقليدية ، وأن يطوّر من أدواته لتأطر هذا التحول ، لاسيما أن القرار الإداري الرقمي يختلف من حيث الشكل والآلية عن القرار الورقي التقليدي ، لكنه يظل في جوهره عملاً‏ إدار ييًا يمارس فيه الشخص العام سلطته التقديرية أو التوجيهية. ومن خلال هذه الدراسة نسلط الضوء على قدرة القانون الإداري ، بأبعاده التريعية والفقهية والقضائية ، على استيعاب الرقمنة كوسيلةٍ‏ حديثة في إصدار القرار الإداري ، مع استعراض التحديات القانونية الناتجة عنها ، ومناقشة سبل تكييفها قانونياً‏ دون الإخلال بمبادئ المروعية والرقابة وضمانات المتعاملن مع الإدارة.
الطبيعة القانونية للقرار الإداري الرقمي
أو ا لًا: المفهوم التقليدي للقرار الإداري
يُعرف القرار الإداري بأنه « عمل قانوني يصدر عن الإدارة بإرادتها المنفردة ، بغرض إحداث أثر قانوني معن بمقتضى القوانن
ثانيًا: التحول الرقمي وتحدي الشكل التقليدي
مع التحول الرقمي ، لم يعد القرار الإداري يُصدر فقط عبر وثيقة ورقية موقعة يدوياً‏ ، بل أصبح بإمكان الجهة الإدارية أن تصدر القرار إلكترونياً‏ من خلال:
• أنظمة مؤتمتة بالكامل( Systems ‏(.‏ Fully Automated
• قرارات موقعة إلكترونيًا باستخدام شهادات رقمية.
• نظم تعتمد على الذكاء الاصطناعي في بناء القرار أو اتخاذه تلقائياً‏ في بعض الحالات. وهذا يثر التساؤل: هل القرار الصادر بهذه الوسائل يحمل نفس الطبيعة القانونية للقرار الورقي ؟ وهل يُعد « قرارًا إدار ييًا » بمعناه القانوني ؟ يرى الاتجاه الفقهي الحديث أن القرار الرقمي يحتفظ بصفته كقرار إداري إذا توافرت فيه الأركان الجوهرية ، حتى وإن اختلف شكله أو وسيلة إصداره ، فالعبرة ليست بالوسيلة وإنما بمضمون القرار وأثره القانوني. ومؤدى ذلك فإنه يظل الاختصاص متطلباً‏ أساسيا ً ، ويجب
أن يُتخذ القرار عبر جهة تملك صلاحية إصداره ، حتى لو استخدمت نظاما ً آلياً‏ ، أما من حيث الشكل قد يكون إلكترونياً‏
( مثل الإمضاء الرقمي ‏(،‏ لكنه يجب أن يكون مُ‏ عتمدً‏ ا وفق الأطر القانونية ، وبالنسبة للسبب والمحل والغاية فإنه يجب أن تكون محددة وقانونية ، كما هو الحال في القرار الورقي. وبالتالي ، فإن القرار الإداري الرقمي يُعد امتدادًا طبيعياً‏ لتطور وسائل العمل الإداري ، ويُقبل قانونياً‏ ما دام مستوفيا ً لأركانه ومُ‏ راعياً‏ للضمانات.
المتطلبات القانونية لرقمنة القرار الإداري
يُعد نجاح رقمنة القرارات الإدارية مرهوناً‏ بوجود إطار قانوني واضح ومتكامل يُنظم هذه الممارسة ويضمن مروعيتها ويكفل حقوق الأفراد ، ويمكن تصنيف المتطلبات القانونية إلى مستوين أساسين: تريعي وتنظيمي