مجلة هيئة اسواق المال - العدد العدد الحادي والعشرون سبتمبر 2025 | Page 16

‎16‎ الزاوية القانونية
في حال اعتماد تقنيات متقدمة مثل الخوارزميات أو الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار ، ينبغي التأكد من خضوع هذه الأدوات للرقابة البرية ، وضمان الشفافية في كيفية عملها.
‏<<‏ بناء قدرات الموظفين القانونيين والتقنيين يجب تدريب الموظفن على التعامل مع النظم الرقمية ، بما في ذلك القانونين في الجهات الإدارية ، حتى يتمكنوا من تقييم مروعية القرار الإلكتروني والرقابة عليه بشكل فعّال.
المسؤولية القانونية في حالة الخطأ الرقمي
تمثل مسؤولية الإدارة عن القرار الرقمي أحد أكثر الجوانب القانونية تعقيدً‏ ا ، خصوصً‏ ا في ظل استخدام أدوات تقنية مثل نظم دعم القرار ، والخوارزميات ، والذكاء الاصطناعي ، وتثر هذه الأدوات تساؤلات حول الجهة الي تتحمل المسؤولية القانونية في حال ترتب على القرار ضرر للفرد أو الجهة المتعاملة مع الإدارة.
أولاًً‏- مبدأ مسؤولية الإدارة عن أفعالها
يقوم القانون الإداري على مبدأ ثابت مفاده أن الإدارة مسؤولة عن الأضرار الي تلحق بالأفراد نتيجة قراراتها غر المروعة ، سواء تعلق الأمر بقرار ناتج عن خطأ بري أو تقني ، ويشمل ذلك:
• الخطأ في جمع أو معالجة البيانات.
• خلل في خوارزمية اتخذت القرار دون تدخل بري مباشر.
• الاعتماد على نظام غر مدقق أو غير معتمد تقنيًا. في جميع هذه الحالات ، تظل الإدارة مسؤولة بصفتها صاحبة القرار ، حتى وإن كانت الأداة المستخدمة رقمية أو ذكية.
ثانياً‏- تمييز المسؤوليات داخل الإدارة الرقمية
في بيئة القرار الرقمي ، قد تتداخل المسؤوليات بن عدة أطراف:
• الموظف الإداري الذي قام بإدخال البيانات أو تنفيذ الإجراء.
• الجهة التقنية التي صممت النظام أو البرمجية.
• الإدارة نفسها بصفتها من أقرّ‏ استخدام النظام واتخذ القرار بناءً‏ عليه. وبالتالي ، فإن المسؤولية الإدارية قد تكون فردية أو تضامنية ، بحسب الظروف ، ولكن في جميع الأحوال ، فإن المسؤولية أمام الممتضرر تبقى مسؤولية الإدارة ، الي يمكن لها لاحقًا أن ترجع على المتسبب المباشر بالخطأ.
ثالثًًا- المسؤولية عن قرارات الذكاء الًاصطناعي
عند استخدام الذكاء الاصطناعي في إصدار أو دعم القرار الإداري ، تظهر إشكالية قانونية دقيقة ، وهي: هل يمكن تحميل“ نظام ذكي” مسؤولية قانونية ؟ الجواب الراهن في الفقه والقضاء هو النفي ، لأن الذكاء الاصطناعي ما يزال يُعد أداة ، وليس“ شخصً‏ ا قانونيًا” مسؤ و لاً‏. وبالتالي تظل الإدارة هي من تتحمل كامل المسؤولية عن أي خطأ ناتج عن نظام تستخدمه ، ولا يُعفى المسؤول الإداري من الرقابة على النظم الي يعتمدها.
رابعًا- أثر الخطأ الرقمي على الطعن القضائي
الخطأ في القرار الرقمي لا يختلف في جوهره عن الخطأ في القرار الورقي ، من حيث إمكانية الطعن أمام القضاء الإداري ، سواءً‏ بسبب:
• انعدام القرار أو بطلانه.
• مخالفة القانون أو الشكل.
• انعدام السبب أو الانحراف في استعمال السلطة. ويمكن للقضاء أن يطلب من الإدارة الكشف عن النظام أو الخوارزمية الي تم الاعتماد عليها في اتخاذ القرار ، ما يفرض عليها أن تكون جاهزة تقنيًا وقانونيًا لهذا النوع من الرقابة.
الرقابة القضائية على القرار الرقمي
يُعد إخضاع القرار الإداري للرقابة القضائية من أهم ضمانات المروعية في النظام القانوني ، إذ يُمكّن الأفراد من حماية حقوقهم عند صدور قرارات إدارية غر قانونية. ومع دخول التكنولوجيا في صلب عملية اتخاذ القرار ، أصبح من الضروري تكييف الرقابة القضائية مع طبيعة القرارات الرقمية ، لا سيما تلك المدعومة بالخوارزميات أو النظم المؤتمتة.
أولاًً‏- مدى خضوع القرار الرقمي للرقابة القضائية من حيث المبدأ ، فإن القرار الرقمي لا يختلف في جوهره عن
ً
القرار الورقي ، طالما صدر عن جهة إدارية مختصة ، وأنتج أثرا ‏ًا
قانونياً‏. وبالتالي ، فإنه يخضع لرقابة القضاء الإداري وفق لذات الأسس:
• التحقق من الاختصاص.
• الزام الأشكال والإجراءات.
• سلامة السبب والمحل.